نهر النيل ” حابى ” وملف سد النهضة

نهر النيل ” حابى ” وملف سد النهضة

مـقـدمـة

عرف المصري القديم النيل منذ آلاف السنين وقدسه وتابع أسطورة النيل عبر التاريخ وعرف أنه مهد الحضارة، فقد عاش المصريون حول النيل لا يفارقونه وسكنوا على شاطئيه ولا يستطيعون الترحال والبعد عنه. يعيش المصريون على 5% من مساحة أراضيهم وتكاثروا حتى أصبح تعدادهم أكثر من تسعين مليون نسمة ومازالوا يعيشون على 5% من الأرض المتاحة لهم، وباقي الأرض 95% صحراء جرداء لا حياة فيها ولا ماء فإزدحمت الأرض وضاقت عليهم الأرض بما رحبت ومازال التمسك بالنيل والعيش حوله. النيل مصدر الهام وإبداع الشعراء والفنانين وملاذ المحتاجين وله دورات مختلفة من إيراد عالي الى منخفض وتعاد الكرة فيكون النيل هو سر ومصدر سعادة المصرين، وعاش المصريون فى أساطير وحكايات خيالية وتعامل المصري مع النيل على أنه جسد حى يحتاج المصالحة بعروس النيل ليفيض حتى حسم هذا الجدل الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله تعالي عنه.

النيل من أنهار سدرة المنتهي المجاورة للجنة، كما قال تعالي “ولقد رآه نزلة أخري عند سدرة المنتهي عندها جنة المأوي” (النجم 13-15)، وقد أخرج البخاري من حديث مالك بن صعصعة في قصة معراج النبي – صلي الله علية وسلم الى السماء قال “ورفعت لي سدرة المنتهي، فإذا أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران، فسألت جبريل ؟ فقال: أما الباطنان ففى الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات” فكان تعظيم النيل والفرات من الوظائف الدينية الاسلامية.

والماء هو سر الحياة فى الدنيا للإنسان وغيره من سائر الكائنات الحية، قال تعالي “وجعلنا من الماء كل شئ حي أفلا يؤمنون” (الأنبياء 30) لذلك أجمع الفقهاء على تحريم إضاعة الماء بغير حاجة وتحريم تفويت الإنتفاع به إلاّ لضرورة، كمثل ما حدث فى غزوة بدر من سيطرة المسلمين على بئر بدر لإرغام الأعداء على الرحيل، أما فى غير تلك الأحوال الاستثنائية فإن الواجب على المسلم أن يحفظ الماء لكل كائن حي إنساناً أو حيواناً أو نباتاً، مسلماً أو غير مسلماً: لأن الماء سبب الحياة فكان حفظه إعماراً للحياة، كما أن إهداره إفساداً للحياة، والله تعالي يقول “مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ” (المائدة 32).

وأخرج ابن ماجة عن ابي هريرة أن النبي – صلي الله علية وسلم – قال “ثلاث لا يمنعن: الماء والكلأ والنار” يعني لكل إنسان يحتاج اليها فى اعمار الدنيا مسلماً أو غير مسلماً لأن إعمار الدنيا مسئولية البشر فى الجملة قال تعالي:”وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ ” (هود 61) أن جعلكم عمارها وبانيها.

الدولة المصرية تعتمد على النيل مورد رئيسي للمياه بنسبة 96% على الأقل وهي الدولة الوحيدة فى حوض النيل الفقيرة مائياً بالمقارنة بالموارد المائية لباقي دول حوض النيل الأحدي عشر فجميع الدول فى الحوض تسقط عليها أمطار غزيرة تكفيها للزراعة المطريه والرعي ولديها ثروات زراعية وحيوانية هائلة، بينما مصر تنعم بالرمال الصفراء وندرة المياه وقلة الأرض الزراعية وإنعدام المراعي.

يتميز النيل بطوله المديد فهو أطول أنهار العالم ولكنه شريط ضيق من الجنوب الي الشمال وهو على عكس جميع انهار العالم فهو ينبع من الجنوب والمصب فى الشمال وله خصائص ومميزات ينقلها لشعوبه المتوطنة على شاطئيه ليعطي حضارات تاريخية وذات أفريقيه تميزها عن باقي شعوب الأرض.

من خلال ذلك التاريخ كانت هناك إتفاقيات على مر العصور لتحديد حصص المياه لدول الحوض وخاصة لدولتى العبور والمصب (السودان ومصر) وأستمر الحال فى سلام حتى بدأت بعض الدول المعروف عنها بالشيطان الأكبر فى اللعب فى منابع النيل لتعلق دول المنابع تضامنها لوقف العمل بالاتفاقيات التاريخية وإعادة توزيع حصص المياه وبناء سدود لإنتاج الكهرباء والتنمية لدول المنابع والحوض، وإعترضت دولتيى العبور والمصب وتمسكتا بحقهما التاريخي وبدأت المفاوضات وأظهرت دول المنابع مراوغة ودهاء لتعطيل الإتفاق ومازال الموقف مشتعلاً ولعبت الدبلوماسية دوراً كبيراً فى الإستمرار فى المفاوضات حتى الآن.

هذا المؤلف يتضمن وثائق ومستندات تاريخية تفصيلية لقصة النيل الأسطورة على مر الأجيال، من بداية المصري القديم حتى مفاوضات سد النهضة.

وقد يجد القارئ شئ من التفصيل للأحداث والتحليل وسرد تفاصيل زائدة للمفاوضات ولكن قد يجد ضالته فى فهم الأحداث بعمق وهى فى النهاية مسئولية تاريخية، وتعتبر وثائق تاريخيه.

يحتوى المؤلف على سبعة أبواب:

*- الباب الـأول نهر النيل 

*- الباب الثانـي العلاقات المصرية السودانية

*- الباب الثالـث الصراع على المياه الأفريقية

*- الباب الرابـع موقف المياه المصرية

*- الباب الخامس الأمن المائي والرؤية المستقبلية

*- الباب السادس ملف سد الهضه ويتضمن:

•  الأزمة الأثيوبية مع مصر
• محطات في ملف التفاوض من أجل سد النهضة
• دور إسرائيل فى أزمة سد النهضة
• إتفاق عنتيبي
• توصيات اللجنة الثلاثية
• سلبيات إقامة سد النهضة

*- الباب السابع موقف مصر من أزمة سد النهضة ويشمل : 

• حلول مصرية
• حلول من وزارة الري

                  والله من وراء القصد ،،،،،،،

محتويات الكتاب